من قرية فاس الى مدينة ازمور

2013-12-23T13:20:53+00:00
أزمورثرات أزمور
22 ديسمبر 2013آخر تحديث : الإثنين 23 ديسمبر 2013 - 1:20 مساءً
من قرية فاس الى مدينة ازمور

بقلم: العباس الفراسي

يفضل معظم المغاربة الذين يقطنون المدن التاريخية و العريقة، أن ينكتوا على مدينة فاس. فتجد أهل مدينة صفرو مثلا، يرددون عبارتهم الشهيرة: من مدينة صفرو، إلى قرية فاس. أو من مدينة المنزل أو الشاون أو أزمور إلى قرية فاس. و بما أنني كنت من أبناء هذه المدن إلا الشاون، فاني أعلم علم اليقين أن هذه المدن لم تكن بقيمة فاس لا علميا و لا سياسيا و لا اقتصاديا و لا تاريخيا فالمدينة أسسها و بناها إدريس الثاني مدينة جديدة، انضافت إلى المدن المغربية التي كانت قبلها آنذاك. و بالتالي ففاس لم تكن قرية قط، كما لم تكن في وجودها سابقة تاريخيا عن أزمور التي اسكنها منذ سنوات تنيف على العقد. إن أفضل ما يمكن قوله لكل متبجح بمدينته و أصله أن العبرة ليست بالتاريخ أو الانتماء. فنيويورك ليست أقدم من أزمور ولا أقدم من فاس، بل هي مدينة جديدة كل الجدة و سكانها الأولون كانوا مجرد مرتزقة حلوا بالعالم الجديد من مختلف القارات إبان القرنين الماضيين. إن العبرة بالعمل و الحب، وهذا ما لم أجده في معظم من يسكن هذه المدينة. لا احد يحب أزاما فالكل يريد الانتساب للجديدة عندما تسأله عن مدينته. و الكل يجيبك إن كان في أزمور، بأنه في زميمير الكلب أو زميمير حشاك. مع العلم أن أزمور ليست كلبا و لم تحط من قيمة احد يوما. هي مدينة التاريخ و أولياء الله الصالحين و مدينة العلم و رجالات الفكر و السياسة و الفن. لن تستطيع إحصاء فناني أزمور مثلا، و كلهم يحبونها و يعتبرونها مصدر إلهامهم ومهبط وحيهم. لن تستطيع إحصاء مثقفي أزمور و هم يعتزون بأساتذتها و يقدسون مدارسها، لن تستطيع إحصاء رياضييها وهم كذلك يعتزون بفرقها ويحملون اقمصة فرقها باعتزاز. إني أفضل أن انضم إلى كل من يجاهر بانتمائه إلى هذه المدينة، بل و اطلب منهم ضيف الله. و أقول إن من يحتقر هذه المدينة هو من يشرد أبناءها، و يفقر سكانها و يستبدلهم، ويعبث بمآثرها التاريخية التي تتهدم أمام الملأ، دون وخز للضمير. إن من يصبر على تهدم أسوار المدينة التاريخية لقيط.

images (1)

ومن يتعلل بالمخزن و سخطه التاريخي ليساهم في تدهور أزمور كاذب ملعون. و من يستنجد بالخطب و هروب البحر ليبرر غياب التنمية بليد و لص يختبئ وراء الأساطير، ليقضي مآربه و يحصن صناديقه لغرض نعرفه. إن أزمور ببحرها و غابتها و نهرها و مدينتها العتيقة، براء منهم و تمقتهم و تفضحهم، و تقول لهم إنها تبكي شوارعها المتحفرة و طلبتها المعطلين و نهرها الملوث و شابلها المباد و أسوارها المتهدمة و كلبتوسها المجتث و أبناءها وبناتها المحتقرين من طرف هؤلاء اللصوص اللقطاء اللئام. وهنا أقول لا فرق بين فاس و أزمور فكلتاهما تئنان تحت وطأة المرتزقة ومافيا الغدر.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!