المخابرات العسكرية المغربية “لادجيد“ : كل ما لا تعرفه…تتجسس على كل شيئ و تجدها في كل مكان حماية للوطن لاستقرار أمن المغرب

2014-01-07T16:20:34+00:00
سياسةمنوعاتوطنية
7 يناير 2014آخر تحديث : الثلاثاء 7 يناير 2014 - 4:20 مساءً
المخابرات العسكرية المغربية “لادجيد“ : كل ما لا تعرفه…تتجسس على كل شيئ و تجدها في كل مكان حماية للوطن لاستقرار أمن المغرب

بقلم عبد العظيم حمزاري الأزموري

 

تتجسس على كل شيئ و تجدها في كل مكان: كل ما لا تعرفه عن المخابرات العسكرية المغربية “لادجيد

 

يعرف جهاز المُخابرات المغربي باسم “المديرية العامة للدراسات و المستندات – “لادجيد”- و هو تحت إمرة محمد ياسين المنصوري – رجل قانون – منذُ توليه منصب مديره في سنة 2005. علما أنه منذ تأسيسها ظل تدبيرها حكرا على العسكريين، لكن تم تكسير هذا العرف في سنة 2005.
إنها إحدى وحدات منظومتنا الأمنية التي تضم علاوة على “لادجيد”، أجهزة تحت إشراف وزارة الداخلية, و هي: جهاز الاستعلامات العامة (
RG) ويعمل على جمع وتحليل المعلومات و مراقبة الناس جنباً إلى جنب مع الشرطة القضائية و الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني، و الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني ( DST ) – “الكاب 1 سابقا”، عملها التجسس و مكافحة التهديدات  و التدخلات الأجنبية، و المُديرية العام للشؤون الداخلية ( DAG ) . و هناك جهاز أخر مخضرم – و هو تابع نظريا لوزارة الداخلية – تحت إمرة القوات المساعدة لكن يسيطر عليه الجيش ، يعمل تحت إمرة الجنرال كوريمة ، له مهام ثلاثية الأبعاد داخل المدن والقرى و المراكز الحدودية .
و هناك أجهزة تحت إشراف القوات المُسلحة الملكية, و هي: المكتب الثاني- 2
 Bureau – أنشئ في 1956 ويختص بالاستخبارات العسكرية في الجيش و مراقبة الحدود البرية، و المكتب الخامس- 5  Bureau – مسؤول عن الاستخبارات العسكرية في الجيش المغربي و يضمن عدم وجود تدخل أجنبي في القوات المُسلحة ، فُصل عن المكتب الثاني سنة 1976، و مُديرية الاستخبارات المرتبطة بالدرك الملكي (SRGR) التي تعمل على توفير المعلومات بهدف ضبط النظام ومراقبة القوات المُسلحة.
فإذا كانت أجهزة المخابرات في الماضي انحصر دورها في التجسس على دولة عدوة و التعرف على أسلحتها و عتادها، فإن عملها تطور اليوم أكثر وأصبحت أجهزة المخابرات حول العالم تشارك في وضع سياسات دول أخرى حليفة من أجل المحافظة على العلاقات الدولية و في نفس الوقت المحافظة على مصالح الدولة .

لقد طورت المخابرات أساليب ومناهج جمع المعلومات و تحليلها ، كما طورت وسائل التجسس كالعملاء و أجهزة التنصت و وسائل الاتصال و الشفرات, و تغيّرت طرق خضوع المنتسب الى المخابرات لدورات تدريبية في المجالات الأمنية و الثقافية و النفسية العسكرية والالكترونية. ..
فما هو موقع “لادجيد” ضمن هذا التغيير الجدري؟ و كيف نشأت و تطورت؟ و ما هي وجوه نجاحها و فشلها في المهمات المنوطة بها؟

هكذا كانت البداية:
أوّل رئيس مخابرات المغرب المستقل

في عهد الاستعمار كان الجيش الفرنسي هو المكلف بالمخابرات بالمغرب. و في فجر الاستقلال ظل الفرنسيون قائمين على المخابرات، آنذاك كان محمد عبد الرحمان بوريكات – والد الإخوة بوريكات بايزيد وعلي و مدحت الناجين من جحيم تازمامارت- يبعث تقاريره للملك الراحل محمد الخامس بواسطة زوجته آمنة العلوي بنت محمد الجيلالي الغربي – التي كانت تربطها علاقة قرابة بأسرة الملك بتافيلالت – و كان الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك) دأب على إيصالها إلى البيت. إذ كان بوريكات الوالد حين يريد اللقاء بمحمد الخامس يرسل هذا الأخير نجله ولي العهد ليوصله بسيارته. كان الحسن الثاني يحضر مرارا إلى حي العكاري حيث مسكن بوريكات لنقله إلى غابة الوزير حيث يكون اللقاء بمحمد الخامس.
من هو محمد عبد الرحمان بوريكات؟
إنه تونسي الأصل حصل على الجنسية الفرنسية سنة 1927 ، ولد في تونس و بعد حصوله على الباكالوريا ذهب إلى تركيا و ولج مدرسة عسكرية وتخرج منها، ثم عاد إلى مسقط رأسه وعمل في الجيش الفرنسي. وفي سنة 1926 رحل إلى المغرب و عمل في مجال المناجم في الشرق و قطن بمدينة وجدة، وبعد حصوله علي الجنسية الفرنسية ولج سلك الأمن، و عمل لفترة في وجدة، ثم زاول عمله كمترجم في ناحية فاس قبل التحاقه بالاستخبارات بنفس المدينة حيث تعرف على شخصيات و عائلات، وبعدها انقل إلى مدن أخرى و منها الصويرة و أكادير و مراكش . في ظل نظام ” فيشي” الموالي للنازيين طُرد بوريكات من عمله، و بعد سقوط حكومة “فيشي” عاد إلى منصبه في إدارة الاستعلامات.
و المعروف عليه أنه عمل كثيرا في الظل إلى جانب الفرنسيين الأحرار المدافعين عن المغرب، وحين عاد الملك محمد الخامس إلى عرشه استدعاه وطلب منه العمل بجانبه وعينه في مكتب الفوسفاط باقتراح من المهدي بن بركة. و بعد مدة قصيرة في الفوسفاط، كلفه الملك بالاستخبارات الخارجية ومكافحة التجسس. وكان مكتبه في وزارة الدفاع بالمشور (تواركة)، غير بعيد عن مكتب مولاي الحسن ولي العهد حينها. آنذاك كان ولي العهد صديقا
للكوموندار مولاي حفيظ العلوي الذي لم يكن محمد عبد الرحمان بوريكات يثق فيه لأمور صدرت منه قبل الاستقلال وكانت تضر بالبلاد وعاهلها.
بقي بوريكات على رأس إدارة مكافحة التجسس إلى حين وفاة المغفور له الملك محمد الخامس ، حيث لم يعد يتوجه إلى مكتبه و ظل يتوصل براتبه الشهري باستمرار.

“الكاب 1 “
مشتل المخابرات المغربية الحديثة

يعتبر “الكاب 1″ منبع كل الأجهزة المخابراتية المغربية. فمنه انبثقت “الديسطي” و “لادجيد”، وكان الجنرال محمد أوفقير أو رئيس “للكاب 1″ الذي تأسس تحت إشراف المخابرات الفرنسية، لكن سرعان ما تكلفت المخابرات الأمريكية والموساد بإعادة هيكلته.
و اعتمد “الكاب 1″ في انطلاقته على جملة من عملاء المخابرات الفرنسية، و بعض المقاومين الذين انخرطوا في الأمن الوطني. و عند توظيف عناصر جديد كان الاعتماد على القرابة و العلاقات، فمثلا الإخوان العشعاشي (عبد الحق و محمد)، كانا على علاقة مع أحمد أجداين، و إبراهيم أوفقير هو شقيق الجنرال أوفقير، و الماجي (البوليسي الطالب)، و صاكا عبد القادر و حليم محمد، كانت تربطهم علاقة وطيدة بأحمد الدليمي، في البداية كان تمويل “الكاب 1″ يتم بتخصيص ميزانية توضع في صندوقه الأسود يتصرف فيها الجنرال أوفقير بدون حسيب و لا رقيب (و كان قد كلف أحمد الدليمي بتدبيره)، و موازاة مع ذلك كان “الكاب 1″ يستحوذ على 75 في المائة من مداخيل دور الدعارة التي كانت دائمة الاشتغال بفعل حمايتها من طرف عناصر الجهاز، و لعدم إثارة الشبهة كانت إدارة تلك الدور والفنادق تعهد لبعض الفرنسيين بعضهم شاركوا بامتياز في عملية اختطاف واغتيال المهدي بن بركة، و ظلت أموال دور الدعارة تتهاطل على صندوق “الكاب 1″ فيما بين 1962 و 1974، يتصرف فيها القائمون على الجهاز بدون حسيب و لا رقيب.
في بداية سبعينات القرن الماضي – بعد المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين – عرف جهاز المخابرات تغييرات جوهرية، بهدف مُراقبة الجيش و وضعه المغفر له و البطل العظيم الملك الراحل الحسن الثاني عام 1973 تحت أدارة الجنرال أحمد الدليمي. إنها النشأة الفعلية لـ “لادجيد”.

Ahmed-Dlimi2

مهام “لادجيد” و رجالها و ميزانيتها

يعود إحداث المديرية العامة للدراسات و المستندات (لادجيد) إلى سنة 1973 بعد تحويل “الكاب 1″ وت فتيته إلى إدارة للمستندات و الوثائق و المحافظة على التراب الوطني.
و منذ إحداثها ترأس أحمد الدليمي “لادجيد” إلى حدود ثمانينات القرن الماضي، و بعده ظل كرسي رئاستها شاغرا إلى أن تم تعيين الجنرال عبد الحق القادري

kadiri- Cap 1 DGED

على رأسها الذي اضطلع كذلك بمهمة المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية قبل أن يحال على التقاعد لأسباب صحية كما تم التصريح بذلك آنذاك. ثم خلفه الجنرال عبد العزيز بناني قائد المنطقة الجنوبية.
و على المستوى التنظيمي تظل اختصاصات “لادجيد” مرتبطة بالأساس بإدارة الدفاع، و التي يحددها القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية (الملك). و منذ تأسيسها، ظل رؤساء “لادجيد” من العسكريين، و في عهد الملك محمد السادس نصره الله و أيده و حفظه من كل مكروه، و لأول مرة في تاريخ المغرب تم تعيين مدني على رأسها، ياسين المنصوري  وعوض
مكان الجنرال دو ديفيزيون أحمد الحرشي.

roi_archi et DGED
يعمل جهاز “لادجيد” خارج المغرب و داخله و يتخذ من الرباط مقراً رئيسياً، له عناصر موجودة في معظم البعثات الدبلوماسية للمملكة و بين مغاربة الخارج. و بعد هجمات الدار البيضاء في السادس عشر من مايو سنة 2003 باتت المخابرات المغربية جزءاً في الحرب على الإرهاب. يظل دور” لادجيد” الرئيسي هو استباق الأحداث التي لا تزال الدولة تتوجس منها بطريقة أو بأخرى. ارتبطت بالمؤسسة الملكية الشريفة منذ إنشائها في 1973، حيث كان الهدف هو مراقبة عمل الجيش. و بعد هجمات الدار البيضاء ، أصبحت محور تركيز “لادجيد” الحرب على الإرهاب، و المعلومات الاستخبارية عن الأنشطة الإرهابية و أيضًا كل ما يخص قضية الوحدة الترابية (ملف الصحراء المغربية).
في واقع الأمر إن “لادجيد” مكلفة بالتجسس أينما كانت مصالح المغرب، كما انه مكلفة بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات الخارجية في القضايا المشتركة. و يتوفر على مصالح خارجية خصوصا الملحقين الدائمين بالبعثات الدبلوماسية و هي تابعة لمصلحة المدير العام
كما تتوفر على ثلاثة أجهزة مخابرات تابعة للإدارة المركزية وهي مصلحة التنفيذ تابعة للسيد الزاوي و هو من أكفأ أطر الجيش المغربي ، مهمتها العمل في الميدان و التدخل السريع عبر فرق “كوموندو” من أجل الحفاظ على مصالح الوطن العليا و هي مصلحة تعمل بحرفية عالية . كما أن هناك مديرية مكافحة التجسس التي تعمل بشكل سري للغاية و في صمت و سكون رهيب. و تتبع للإدارة المركزية لــ “لاديجد” ،مديرية الاتصالات و هي مصلحة مكلفة بتنسيق الاتصال و حماية الوسائط الاتصالية بين كافة مصالح الجهاز.
و تظل المديرية العامة للدراسات و المستندات (لادجيد) تحت إمرة القصر الملكي الشريف مباشرة. و تشغل حاليا 1600 مدني و 2400 عسكري (5 في المائة منهم نساء)، هذا إضافة لفرقة عمل و تدخل، أناس غير مرئيين، مدربون ليظلوا نكرة لا يتعرف عليهم أحد، ويبلغ عددهم ما بين 250 و 300 فرد ينشطون داخل المغرب و خارجه (في إفريقيا، العالم العربي، أوروبا وآسيا). و تتوفر المخابرات المغربية حاليا على بضع مئات من العملاء في أوروبا.
و تظل الميزانية المخصصة لها في طي الكتمان، لكن يروج أنها تقدر بــ 10 مليار درهم سنويا، علما أنها تتوفر على صنجوق أسود لا يعلم خباياه إلا القائم على أمور “لادجيد”.
و حسب أكثر من مصدر مطلع، سبق لـ “لادجيد” أن نبهت واشنطن قبل 11 سبتمر 2001 عن إمكانية حدوث أعمال إرهابية بالتراب الأمريكي إلا أن المخابرات الأمريكية لم تل أي اهتمام لهذا التنبيه.
و عملت “لادجيد” على إقامة أكبر شبكة مخابرات في شمال إفريقيا “تكون الأقوى و الأكثر تنظيما و فعالية ضمن محيطها”، و ذلك لمواجهة التحديات الكبرى التي بات المغرب يعرفها في ظل التغييرات التي طرأت على الخريطة السياسية والأمنية بدول المنطقة. و ذلك من خلال تدعيم قدرتها وتوسيع شبكتها و تقوية الدعم المخصص لها كي تغدو الأقوى في محيطه.
و أقرّت أكثر من جهة المديرية العامة للدراسات و المستندات بحاجة لمليار دولار سنويا لتنفيذ هذا المشروع و إنجاحه.
و في تصنيف كان قد أصدره أحد المواقع الأمريكية المتخصصة في الشؤون الأمنية، فقد أورد جهاز “لادجيد” ضمن العشر الأوائل في العالم، فإذا كانت أجهزة المخابرات في الماضي ينحصر دورها في التجسس على دولة عدوة و التعرف على أسلحتها و عتادها، فإن عملها تطور في زماننا هذا أكثر و أصبحت أجهزة المخابرات حول العالم تشارك في وضع سياسات دول أخرى حليفة من أجل المحافظة على العلاقات الدولية و في نفس الوقت المحافظة على مصالح الدولة الأم.
قبل ترأس ياسين المنصوري “دجييد”، كان هذا الجهاز ذا صبغة عسكرية و  لكن هذا الأخير تجاوز ذلك فقام بدمج جميع الكفاءات من كل الوزارات سواء من الإعلام، المالية، الشرطة، الهندسة، الصحة، الداخلية و كل من له كفاءات و لو خارج الجيش لتوظيف مهاراتهم في مشروع إستخباراتي يجمع بين مكافحة التجسس الخارجي و جمع المعلومات الخارجية و الاستعلامات العسكرية و مراقبة الشخصيات.

المخابرات و رئيس الحكومة

كيف تتعامل المخابرات المغربية مع رئيس الحكومة المغربية عبد الإلاه بنكيران على ضوء الدستور و التطورات السياسية التي تشهدها البلاد؟ هل تتعاون معه أم تراقبه؟
إنه تساؤل يشغل بال الكثيرين. علما أن اتخاذ القرارات في عصرنا الحالي – و أكثر من أي وقت مضى- أضحت تستند على تقارير أمنية و استخباراتية، هذا أن يغيب على الأذهان أن العلاقة بين الأجهزة الأمنية عموما و حزب العدالة و التنمية تميزت بالتوتر.
و حسب الدستور المغربي الحالي ، إن المخابرات ليست ملحقة بالوزارة الأولى بل مرتبطة بالملك نصره الله بصفته رئيس المجلس الوزاري الذي من اختصاصه وفق الفصل 49 وضع التوجهات الاستراتيجية للبلاد و النصوص العسكرية و تعيين المدراء المكلفين بالأمن الداخلي باقتراح من رئيس الحكومة. و عمليا و على ضوء الممارسة السياسية ، إن الكلمة الأخيرة لتعيين مدراء الأمن بمن فيهم المخابرات تبقى للملك نصره الله و أيده و ليس لرئيس الحكومة لأن العملية مرتبطة بالمجلس الوزاري و ليس برئاسة الحكومة.
و للإشارة ، لأول مرة في تاريخ المغرب منذ الاستقلال، كانت المؤسسة الاستخبارية المغربية من بين المؤسسات التي تركزت عليها مطالب التغيير في الاحتجاجات التي شهدها الشارع المغربي، و طالبت حركة 20 فبراير بأن تصبح تحت المراقبة القضائية و البرلمانية.

المخابرات المغربية و التجسس عبر الأنترنيت

اقتنت “لادجيد” برنامجاً يُعد من أهم ما ابتكر في مجال التجسس عبر الأنترنت، تستعمله لاختراق جميع أنواع البرامج المعلوماتية بما فيها الحواسيب الشخصية و الاطلاع على كل المحادثات عبر الفايسبوك، و ”سكايب”، و البريد الالكتروني و كل الوسائط التواصلية الالكترونية.
و حسب مصادر إعلامية مطلعة إن شركة ايطالية، هي التي باعت للمغرب التقنية الأكثر فاعلية في العالم لمراقبة ما يدور عبر العالم الافتراضي.
و حسب خبراء المجال الالكتروني، فان هذا البرنامج التجسسي، يُمكن الأجهزة الأمنية التي تسهر عليه، من تعقب كل صغيرة و كبيرة في مجال الجرائم الالكترونية، فضلاً عن أنها يمكن استعمالها في التحكم في ضرب حواسيب أو اختراق أخرى، بإرسال فيروسات.

ياسين المنصوري رجل قانون يقود المخابرات العسكرية

ابن الفقيه رفيق دراسة الملك محمد السادس. إنه رجل الظل ورجل المخابرات الكثوم.
و حسب الكثيرين يبقى المنصوري الوحيد من أصدقاء الملك محمد السادس الذي لم يتورط في فضيحة اقتصادية أو سياسية. إذ يذكر أن عدد من المقربين من الملك نصره الله جاء ذكرهم في تقارير فساد و من ضمن ذلك، وثائق “ويكيليكس”.
من مواليد 2 أبريل 1962 بأبي الجعد بإقليم خريبكة، درس تعليمه إلي جانب الملك محمد السادس نصره الله في المعهد المولوي صمن من يعرفون بجماعة “الكوليج رويال”، إنه أحد رفقاء الملك في الدراسة، و أحد عناصر المجموعة التي كانت تضم فؤاد عالي الهمة و حسن أوريد و رشدي الشرايبي و آخرين.
حاصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام من جامعة محمد الخامس بالرباط.
و كان ياسين المنصوري قد بدأ مشواره بديوان إدريس البصري، إذ كان معبرا أساسيا لمختلف الملفات الحساسة و الشائكة، و قبل رئاسته لـ “لادجيد” خضع في بداية التسعينات لتدريب خاص خارج المغرب بمصالح الأمن الفيدرالي الأمريكي، و بعد رجوعه عين على رأس وكالة المغرب العربي للأنباء مكان عبد المجيد فنجيرو، ثم كوالي مدير عام لمديرية الشؤون العامة مكان محمد اظريف، وشكل بمعية فؤاد عالي الهمة و مصطفى الساهل، الثلاثي القوي في وزارة الداخلية (الإدارة الترابية)، و قد اضطلع ياسين المنصوري بملفات كبرى من قبيل الإعلام و الصحافة، و الصحراء المغربية،  و التهريب و الهجرة السرية عندما عُيّن كوال مدير عام لمديرية الشؤون العامة إثر انتقال محمد اظريف إلى ولاية الدار البيضاء خلفا لإدريس بنهيمة. و سيشكل إلى جانب فؤاد الهمة و مصطفى الساهل ثلاثيا قويا داخل الإدارة الترابية. و دون شك فإن هذه الانتقالات منحت “لابن بلدة بجعد” خبرة أغنت مساره المهني، سيما و أنه عمل في مجالات كلها حساسة
ففي سنة 2003 تم تكليفه بتتبع قضايا الهجرة السرية و تهريب المخدرات و كلها قضايا ذات حساسية بالغة مع الجار الأسباني، و تشاء رياح المنصوري أن تحمل نتائج الانتخابات التشريعية الأسبانية الحزب الاشتراكي إلى سدة الحكم في مدريد و ينجح المنصوري في وضع حد للعديد من الصعوبات التي كانت تواجه العلاقات المغربية الأسبانية، و هذا ما قوّى حظوظه في تبوء مكانة أكثر أهمية، لن تكون في نهاية المطاف سوى رئاسة “لادجيد” ليصبح أول مدني يقود هذا الجهاز البالغ الحساسية منذ إنشائه سنة 1973.
ساعدت المنصوري، طبيعة شخصيته وسلوك معاملاته، فملامح وجهه تفيد بأنه رجل دولة.. قليل الكلام، لا تغريه المجاملات.
و بتعيينه على رأس “لادجيد” قام الملك محمد السادس نصره الله بـ”تمدين” هرم “لادجيد” (المخابرات العسكرية) علما بأنها إدارة عسكرية، علما أنه كان قد قام قبل هذا بـ “عسكرة” مديرية مراقبة التراب الوطني (المخابرات المدنية) حين عين الجنرال حميدو لعنيكري ( قبل أن يأفل نجمه) ثم رقاه إلى موقع المدير العام للأمن الوطني على اعتبار أن “الديستي” خاضعة بحكم القانون إلى المدير العام للأمن الوطني. و يجدر التذكير في هذا الباب بأن إدارة الأمن الوطني سبق أن أشرف عليها منذ سنوات الستينات من القرن الماضي عسكريون كأوفقير و الدليمي و الوزاني.

على سبيل الختم

حسب العالمين بخبايا المطبخ الداخلي لـ “لادجيد”، ما يعاب على الاستخبارات المغربية بكل أقسامها، هو بالأساس قصر النظر و غلبة رد الفعل على الفعل.
و في هذا السياق اعتبر الكثيرون أن “لادجيد” فشلت بشكل لافت في التكهن بالتطورات التي أخذها ملف الصحراء المغربية في التكهن بالتطورات. سيما و يفترض أنه من مهامها وضع مختلف السيناريوهات، خاصة الأسوأ منها لاتخاذ الخطط لمواجهة أي طارئ في قضية تعتبر مصيرية بالنسبة للمغاربة.
حسب هؤلاء أبانت عن قصور في فهم التطورات الجارية في نزاع الصحراء المغربية و خاصة الملفات التي فتحتها و تعمل عليها جبهة البوليساريو المزعومة  بدعم من الجزائر. و لعل الانتكاسات التي وقعت خلال السنتين الأخيرتين تؤكد هذا القصور في الرصد و الفهم و التحرك و عدم القدرة على الاستقراء و التكهنّ.
و من العلامات الدالة على هذا الفشل يمكن ذكر نجاح الانفصاليين في إقناع المنظمات الدولية بملف حقوق الإنسان و تحويله الى محور رئيسي لإضعاف المغرب، و تفوق جبهة البوليساريو المزعومة دمية النظام الجزائري بدعم من الجزائر في إنشاء لوبي قوي وسط البرلمان الأوروبي حقق منعطفا عندما نجح في إقناع البرلمان بإلغاء اتفاقية الصيد البحري بين المغرب و الاتحاد الأوروبي و ربط تجديدها باستثناء مياه الصحراء  المغربية من الاتفاقية ثم طرح اتفاقية الزراعة على أنظار القضاء، و خطأ المخابرات المغربية في الاكتفاء بالإطمئنان الى مقولة “المغرب حليف استراتيجي للولايات المتحدة” حتى جاءت المفاجأة القوية من طرف “سوزان رايس”، و كذلك عجزها على إنشاء لوبي مغربي في دول الاتحاد الأوروبي، رغم وجود أكثر من ثلاثة ملايين مغربي في دول أوروبا.
و قد برز هذا الفشل المدوي في وقت سجل تراجع مكافحة الإرهاب الذي كان يشكل موضوعا آنيا في أجندة “لادجيد” بحكم تواجد عناصر إرهابية مغربية في الخارج لديها ارتباطات بالداخل.

رؤساء “لادجيد
1973 – 1983 الجنرال أحمد الدليمي
1983 – 2001 الجنرال عبد الحق القادري
2001 – 2005 الجنرال أحمد الحرشي
منذ 2005 محمد ياسين المنصوري

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!