قلة الإنتاج الثقافي الأصيل والمؤثر… من أبرز سمات واقعنا الثقافي الراهن بدكالة

2014-01-23T16:10:07+00:00
أزمورثقافة و فنونجهوية
23 يناير 2014آخر تحديث : الخميس 23 يناير 2014 - 4:10 مساءً
قلة الإنتاج الثقافي الأصيل والمؤثر… من أبرز سمات واقعنا الثقافي الراهن بدكالة

caricature   la pagaille

  يحمّل البعض كامل المسؤولية عن تدهور الوضع الثقافي الدكالي، لمؤسسات النظام  الجديدي الرسمي التي تهيمن على مراكز إنتاج الثقافة و المثقفين و خطابها الأحادي، حيث تقوم مؤسساتها التعليمية و الثقافية المتخلفة بعملية حصار – مقصود أو غير مقصود – للعقول الناشئة التي يجب إفساح المجال لها للنمو و الانخراط في عملية إنتاج الوعي.

و تعد قلة الإنتاج الثقافي الأصيل و المؤثر، و اهتراء المؤسسات الثقافية الدكالية بوجه عام، من أبرز سمات واقعنا الثقافي الراهن. و ليس ثمة خلاف حول هذا التردي الثقافي، و ما يرتبط به من غيابٍ للخطاب التنويري الحقيقي. و لكن الخلاف يكمن حول الأسباب الكامنة و راء هذا التردي، و بالتالي سبل معالجته.

في حين يرى بعضهم الآخر أن النخبة المثقفة هي التي تخلت عن واجبها، وعجزت عن القيام بدورها التاريخي المطلوب في بناء ثقافة محلية  وطنية أصيلة، فعلقت فشلها وعقمها هذا على شماعة وزارة الثقافة و تخلف مؤسساته.
و الحقيقة أن كلاً من الرأيين يحتوي في طياته جانباً من الحقيقة ، فمظاهر  الحقد و الكراهية و الهيمنة بأشكالها المختلفة و (المتطورة) تساهم في تعميق العقم الثقافي، بل و في إنتاجه دون شك. على أن ذلك لا يعفي المثقفين من دورهم في مقاومة هذا الوضع المتردي، و في خلق هوامش للإنتاج الفكري و توسيعها، وتسخير معارفهم في بناء ثقافة ذات عمق اجتماعي، ستساهم دون شك في كسر هيمنة القبضة السلطوية و الادارية، و الخطاب الأحادي.
و من ناحية ثانية، فإن استسلام المثقفين و تباكيهم على الحريات العامة، و المؤسسات الثقافية، أمرٌ يزيد من تعقيد المشكلة، لأنه يورط المثقفين في السلبية حيناً، و في التعالي على الآخرين حيناً آخر، إلا أنه لا يعفي المسؤولين على المرفق الثقافي من مسؤوليته التاريخية عما ينتجه أسلوبه الإقصائي من تعطيل للفكر و حصار للإبداع الحلي . ألم نتذكر مقولة المفكر الفيلسوف ألزموري قبل أكثر منقرن إن “المستبد يلعب بالعقل فيفسده”؟
إذاً فإن ثمة علاقة جدلية بين خطاب الوزارة الوصية، و بين سلبية المثقفين و استسلامهم. فازدياد ضعف المثقفين و عدم قدرتهم على الحراك الحقيقي . و ضعف هؤلاء وتشتتهم، أدى بالمؤسسات الثقافية إلى الضعف و الاندثار المحدق.
و يمكن القول إن  القائمين على الشأن الثقافي وبصفهم قدوة للمجتمع و المهيمن عليه، يتحمل مسؤولية تاريخية كبرى، عن وصول الوضع الثقافي إلى ما هو عليه اليوم، و بالتالي فإن المثقفين الحقيقيين هم من تقع على عاتقهم مسؤولية النهوض بالمهمة التاريخية في البدء بالسير للخروج من عنق الزجاجة، لأنهم هم حملة الوعي ومنتجوه، و هم النخبة التي يفترض فيها أن تقود المجتمع – بالمعنى الفكري- لتحصيل حقوقه، و أولها حقه في الوصول إلى الوعي و إعادة إنتاجه.
إن مسؤولي المجال الثقافي محليا بطبيعتهم و ارتباطاتهم، عاجزين عن الخروج بالمجتمع من واقعه الثقافي المتردي، و قد لا يكون لأغلب مكوناته رغبة في ذلك، و بالتالي فإن المثقفين هم المعوّل عليهم في خوض غمار هذه المعركة الفكرية و المعرفية الملحة، و هذا يتطلب منهم شجاعة فكرية في الإشارة إلى مواضع العطب، و في ابتداع الوسائل و الأدوات للدخول إلى المناطق المحرمة في الفكر و الوعي، و محاولة استغلال كل المساحات المتاحة، و خلق مساحات جديدة. فالاستسلام لواقع ثقافي أبسط مظاهره أن المجتمع الدكالي من أقل  قراءة على وجه المعمور .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!